كريستينا كيروز تغنّي «تحت الأرض»

 أصبح الواقع مرّاً إلى درجة لا تُحتمل... هذه هي الحقيقة! 

الغريب ليس أن يكون مشحوناً بالظلم والذلّ، الغريب أن نعتاد عليه، ونتعامل معه كأنّه طبيعيّ. في ظلّ هذه المرارة التي تخنقنا في لبنان والمنطقة «الشرق أوسطية»، تبقى قلّة قليلة تتجرّأ على المواجهة، ترفض، وتصرخ... كلٌّ على طريقته.

 من بين هؤلاء القلّة، ظهرت الفنانة الشابة كريستينا كيروز، التي أطلقت أخيراً أغنيتها الجديدة «تحت الأرض» (كلمات وألحان: ريمي كبريال إنتاج موسيقي: زيد حمدان)، مصحوبة بفيديو كليب محترف أخرجه كبريال أيضاً.

أغنية تفضح زيف الواقع وتحفّز المستمعين على رفض السرديات التي يروّج لها. هذه الأغنية هي العمل الأوّل من ألبوم ستُطلق كيروز باقي أغنياته لاحقاً، وهو يحمل الاسم نفسه. الأغنية الوحيدة باللهجة اللبنانية، بينما باقي الأغنيات ستُقدَّم بالفصحى. 

تُقدَّم «تحت الأرض» بأسلوب إلكترو-بوب وإيقاع سريع يحمل طابع الطوارئ، يُذكّر بالموسيقى المصاحبة للأخبار العاجلة على أثير إذاعات من زمنٍ مضى.  في محاولة لاستحضار مناخ السنوات المثقلة بالانهيارات. 

تتوجّه كيروز في الأغنية إلى كل من ظلم، فتقول:

 «بكلمة «لأ» 

صدى يهزّ غروركن

 خفيتوا الصوت بسابع أرض

 عالسكت 

عيشوا فوق غيومكن 

وأنا بغنّي...

 تحت الأرض».

 في حديث معها، توضّح كيروز أن الأغنية موجّهة «لكلّ من عاش الظلم والفساد وتمّ إسكات صوته. لا أقصد الطبقة الحاكمة فقط، فأنماط الظلم قد تُمارس في أماكن العمل، في العلاقات، في المنزل، أو حتى في علاقتنا بأنفسنا». وتتابع: «اخترنا إطاراً وطنيّاً شاملاً، فالظلم يطال الجميع، وكلّ شخص سيجد في الأغنية ما يشبهه، خصوصاً أنّها تتجاوز الانتماءات السياسية الضيقة. نحن نتناول واقع بديل توارثناه، إذ أُقنعنا بقدسية وضرورة طوابير الأفران، ومحطات الوقود، والمصارف والسفارات وبدونية الطوابير النظامية». 


من فيديو كليب «تحت الأرض»

بالنسبة إلى الفيديو كليب، تصفه كيروز بأنه جزء لا يتجزأ من العمل الفني، وتقول: «القاعدة تقول أنّ جميع أركان العمل الفنّي عليها أن تكون متجانسة. للأسف، التوجهات الحالية، إن كانت ترفيهية، تجارية، أو غيرها، باتت تتقبل وتتغاضى عن التكامل بين الأغنية وبصرياتها. في «تحت الأرض»، اخترنا الحفاظ على التجانس. اعتمدنا على أرشيف الصحف وعناوينها، لنُظهر أن ما نعيشه اليوم ليس جديداً، بل نمط متكرّر. العناوين التي قرأناها منذ خمس أو خمسين سنة، ما زالت تُعاد اليوم، وربما ستُعاد لاحقاً. أما الرقص في الفيديو، فليس تعبيراً عن فرح، بل هو رقص حداد. الراقصات يعبّرن عن نسخ من ذواتهن لم يُتح لها الوجود».

 أمام هكذا عمل، نسأل كيروز عن دور الفنان الفعليّ، إذ يحصر الكثير دور الفنّان في إطار الترفيه. تقول كيروز: «لسنا مجرّد وسيلة ترفيه. نحن مرآة للمجتمع، ذاكرته وصوته. نحن من نغني فرحة مجتمعنا وعندما يقهر، نغني لقهره. وتشدّد الفنّانة على ألا تُفهم الأغنية سياسياً: «إذا حصرناها في زاوية سياسية، نُشتّت معناها الأعمق. الأغنية تسلّط الضوء على تشوّهاتٍ جماعية داخلية وموروثة، وليست فقط سياسية».

 تضيف كيروز: «الأمل هو ما يدفعنا للغناء والاستمرار. ولكن أملنا ليس ساذجاً، ولا هو تسليم بحتمية التحمل الدائم، ولا قبول مسبق لأوسمة الصمود السام. نحن نغني لأننا نستحق أكثر، وهذه القناعة نمرّرها للجمهور، كي لا ينسى بدوره أنه يستحق أكثر من هذا الواقع».


تقول كيروز في أغنيتها: «بتفضى فيكن المطارح». 

نسألها من تقصد، فتجيب: «كل مين خفا صوت، 

وقطع نفس اللي كانوا مزينين المطارح. 

من الشخص يلي باع صوتو وبضهر البيعة رأي غيرو.

 للتاجر يلي نطر أزمة ليطلع عضهر شعب وقّفو بالصف. 

لحاكم عمل الناس ورق 

وبيوتن عملة حجر

 واشترى فيها كرسي. 

لدول عملت البلد حقل تجارب،

 وغيرن…».