إلى كلّ الذين يظنون أنّهم يعرفون مصلحتنا أكثر منّا.
يا أخي، هل أنت تمضي أربع ساعات من يومك متنقلاً بين الباصات والسرفيسات وواقفاً على جوانب الطرقات؟
لماذا إذاً تعتقد أنّ بإمكانك أن تعرف إذا سيرحّب الشعب بهذه الخطوة أم لا؟
مجرّد شكل سائق النقل المشترك بسترته الزرقاء، يستفزني.
صفحة إنستغرام؟
مواعيد باصات؟
باب يفتح ويغلق على الكهرباء؟
خط نقل من العدلية على الجامعة اللبنانية؟
الاكسسوار الوحيد الذي يجب أن يمتلكه سائق الباص أو الفان هي المسبحة المعلقة في شبّاكه أو الصليب في مرآته، حسب الباص.
مرجعيّتي الوحيدة في خطوط الباصات كانت وستبقى صديقتي إيلفا الأكبر منّي سنّاً والأخبر في النقليّات العامّة وتعرف كل فان وكل باص ولدي فويسات تثبت هذا الأمر.
مواعيد الباصات الوحيدة التي أعترف بها هي التي تفقهها بعد الخبرة وبعد معاشرة السائقين والركّاب. في دفتري مواعيد الباص مسجلة حسب أيّة صبية لطيفة تنهي عملها متأخرة وتتصل بالشوفير كي ينتظرها. يجبرك هذا النوع من الفرفشة المحليّة أن توطد علاقتك بأخيك الراكب وتعرف أكثر عنه وعن مواقيته.
مرّت فترة حصل موقف رقم 4 على شحنة باصات هيونداي بيضاء صغيرة كتكوتة حديثة العهد.
عندما تجلس بها يجلس ظهرك وتتغير سحنتك.
رائحة جلد المقاعد لا تزال تفحّ منها.
جلد مصنوع لمؤخرات شعوب الشرق الأقصى وليس مؤخرات المنحدرين من سلالة متصرفية جبل لبنان.
لم يمض وقت قصير حتى انتفى وجودها على الخط.
نحن ركّاب الفانات والباصات في لبنان لم ولن نعتاد على هذه الظواهر المتفزلكة التي يدخلونها إلى ثقافتنا.
نقل مشترك؟
كيف سيكمل سائق الفان حياته إذا لم يقم بتهديد حياة الركاب يوميّاً بالخطر وهو يسابق على الأوتوسترادات؟
عليه أن يعوّض بطرق أخرى.
يهدد حياة أصحاب السترات الزرقاء مثلاً؟
يا عزيزي يا أحدب،
ألم تلاحظ أنّ الدولة اللبنانية هي ذلك الرفيق المدرسي الذي يضع اسمه على المشروع في نهاية الفصل ويتركك لتنجز كل العمل؟
دعك من ذلك. استثمر في فرنسا يا أخي، الأمر هنا ميؤوس منه.